فصل: كتاب المفقود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب أحكام المرتدين

‏(‏قوله واختلفوا في جواز أن يقال بين يدي الله تعالى‏)‏ قال في البزازية قيل لا تجوز هذه اللفظة وقيل تجوز فإنه قد جاء في الحديث أنه «يوقف بين يدي الله تعالى على الصراط» قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذا اللفظ موسع بالعربية والفارسية يطلق على الله تعالى وإن كان تعالى منزها عن الجهة وجوزه السرخسي أيضا ومن يتحرز عن إطلاقه بالفارسية فإنما ذلك مخافة فتنة الجهال فأما من حيث الدين فلا بأس به

‏(‏قوله وبقوله أنا أخبر عن إخبار الجن إياي‏)‏ قال في البزازية لأن الجن كالإنس لا تعلم الغيب قال الله تعالى أن ‏{‏لو كانوا يعلمون الغيب‏}‏ الآية في الجن

‏(‏قوله وبقذفه عائشة إلخ‏)‏ قال في التتارخانية ولو قذف سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم لا يكفر ويستحق اللعنة إلا عائشة رضي الله تعالى عنها وعنهن

‏(‏قوله لا بقوله لولا نبينا لم يخلق آدم‏)‏ قال في التتارخانية وفي جواهر الفتاوى هل يجوز أن يقال لولا نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لما خلق الله تعالى آدم قال هذا شيء يذكره الوعاظ على رءوس المنابر يريدون به تعظيم محمد عليه الصلاة والسلام والأولى أن يحترزوا عن أمثال هذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام وإن كان عظيم المنزلة والمرتبة عند الله تعالى كان لكل نبي من الأنبياء عليهم السلام منزلة ومرتبة وخاصيته ليست لغيره فيكون كل نبي أصلا بنفسه

‏(‏قوله ولا بقوله من أكل حراما فقد أكل ما رزقه الله لكنه أثم‏)‏ الظاهر أن هذا الفرع مبني على رأي المعتزلة لأن الرزق عند أهل السنة ما يسوقه الله تعالى إلى الحيوان فيأكله وعند الجمهور ما ينتفع به أكلا أو لبسا أو غيرهما وأن ذلك المنساق قد يكون حلالا وقد يكون حراما وعند المعتزلة الحرام ليس برزق لأنهم فسروه بمملوك يأكله المالك‏.‏ ومبنى الاختلاف على أن الإضافة إلى الله تعالى معتبرة في مفهوم الرزق وأنه لا رازق إلا الله تعالى وحده وأن العبد يستحق الذم والعقاب على أكل الحرام وما يكون مستندا إلى الله تعالى لا يكون قبيحا ومرتكبه لا يستحق الذم بناء على أصلهم الفاسد وتمام مبحثه والجواب عنه مذكور في كتب العقائد فتأمل

‏(‏قوله ويكفر بتصدقه على فقير‏)‏ قال في البزازية بعد كلام فعلم أن مسألة التصدق أيضا محمولة على ما إذا تصدق بالحرام القطعي أما إذا أخذ من إنسان مائة ومن آخر مائة وخلطهما ثم تصدق لا يكفر لأنه قبل أداء الضمان وإن كان حرام التصرف لكنه ليس بحرام بعينه بالقطع

‏(‏قوله وباستحلاله الجماع للحائض‏)‏ قال في الخانية قال أبو بكر البلخي الجماع في الحيض كفر وفي الاستبراء بدعة وضلال وليس بكفر وعن إبراهيم بن رستم أنه قال إن استحل الجماع في الحيض متأولا أن النهي ليس للتحريم أو لم يعرف النهي لم يكفر وإن عرف النهي واعتقد أن النهي للتحريم ومع ذلك استحل كان كافرا وعن شمس الأئمة السرخسي إن استحلال الجماع في الحيض كفر من غير تفصيل

‏(‏قوله وبنسيان العاص التوبة إلى قوله وبعدم رؤيته الطاعة حسناء‏)‏ أي يكفر برؤيته مجموع ذلك ولذا لم يكرر حرف الجر

‏(‏قوله بناء على الرضا بكفر غيره كفر‏)‏ قال في التتارخانية وفي النصاب الأصح أنه لا يكفر بالرضا بكفر الغير وفي غرر المعاني لا خلاف بين مشايخنا أن الأمر بالكفر كفر وفي شرح السيرتان الرضا بكفر الغير إنما يكون كفرا إذا كان يستخف الكفر ويستحسنه أما إذا أحب الموت أو القتل على الكفر لمن كان شديدا مؤذيا بطبعه حتى ينتقم الله تعالى منه فهذا لا يكون كفرا وقد عثرنا على رواية أبي حنيفة أن الرضا بكفر الغير كفر من غير تفصيل‏.‏

قوله لم يبين صفته‏)‏ أي صفة العرض وذكر في النهر أن قوله يعرض ظاهر في وجوبه كما في الفتح فقوله لم يبين صفته ممنوع نعم ظاهر المذهب أنه مندوب فقط

‏(‏قوله قال في فتح القدير كل من أبغض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ‏)‏ قال تلميذ المؤلف في منح الغفار بعد نقله ذلك وجعله إياه متنا ما نصه وبمثله صرح الإمام البزازي وبهذا جزم شيخنا في فوائده لكن سمعت من مولانا شيخ الإسلام أمين الدين بن عبد العال مفتي الحنفية بالديار المصرية أن صاحب الفتح تبع البزازي في ذلك وأن البزازي تبع صاحب الصارم المسلول فإنه عزا في البزازية ما نقله من ذلك إليه ولم يعزه إلى أحد من علماء الحنفية ا هـ‏.‏ وقد نقل ابن أفلاطون زاده في كتابه المسمى بمعين الحكام أنها ردة حيث قال معزيا إلى شرح الطحاوي ما صورته من سب النبي عليه الصلاة والسلام أو بغضه كان ذلك منه ردة وحكمه حكم المرتدين ا هـ‏.‏ وفي النتف من سب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه مرتد وحكمه حكم المرتد ويفعل به ما يفعل بالمرتد ا هـ‏.‏ فقوله ويفعل به ما يفعل بالمرتد ظاهر في قبول توبته كما لا يخفى وممن نقل أنها ردة عن أبي حنيفة القاضي عياض في كتابه المسمى بالشفاء ونص عبارته قال أبو بكر بن المنذر رحمه الله تعالى أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقتل وممن قال ذلك مالك بن أنس والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي رحمه الله‏.‏ قال القاضي أبو الفضل وهو مقتضى قول أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ولا تقبل توبته عند هؤلاء وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلم لكنهم قالوا هي ردة وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك رحمه الله وحكى الطبري مثله عن أبي حنيفة وأصحابه فيمن ينقصه صلى الله تعالى عليه وسلم أو برئ منه أو كذبه ا هـ‏.‏ إلى هنا كلام صاحب المنح‏.‏ لكن قال بعدما يأتي عن الجوهرة في ساب الشيخين أقول‏:‏ يقوى القول بعدم قبول توبة من سب صاحب الشرع الشريف صلى الله تعالى عليه وسلم وهو الذي ينبغي أن يعول عليه في الإفتاء والقضاء رعاية لحضرة صاحب الرسالة المخصوص بكمال الفضل والبسالة ا هـ‏.‏ وفيه كلام تعرفه وقد حررت المسألة في تنقيح الحامدية فراجعها ثم جمعت في ذلك كتابا سميته تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصحابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام وبينت فيه أن قول الشفاء لكنهم قالوا هي ردة إلخ صريح في قبول توبته لأنه استدراك على قوله قبله يقتل ولا تقبل توبته عند هؤلاء فعلم أن قوله وبمثله قال أبو حنيفة أي قال أنه يقتل لكن قالوا أنه ردة فحاصله أنه يقتل إن لم يتب كما هو حكم الردة وإلا لم يكن للاستدراك المذكور فائدة وممن صرح بقبول توبته عندنا الإمام السبكي في السيف المسلول وقال إنه لم يجد للحنفية إلا قبول التوبة وسبقه إلى ذلك أيضا شيخ الإسلام ابن أمية الحنبلي في كتابه الصارم المسلول فصرح فيه في عدة مواضع بقبول التوبة عند الحنفية وأنه لا يقتل‏.‏

‏(‏قوله وفي الجوهرة من سب الشيخين إلخ‏)‏ قال في النهر هذا لا وجود له في أصل الجوهرة وإنما وجد على هامش بعض النسخ فالحق بالأصل مع أنه لا ارتباط له مع ما قبله‏.‏

‏(‏قوله لكنه تعود طاعته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد‏)‏ أي بعد توبته ولعل المراد بعودها مؤثرة في الثواب أنه سبحانه يثيبه عليها ثوابا جديدا غير الثواب الذي حبط أو أن المراد بالثواب عدم مطالبته بإعادتها وإن بطلت بالردة فإن الاعتداد بها وعدم مطالبته بإعادتها فضل من الله تعالى تأمل ثم رأيت في شرح المقاصد للسعد التفتازاني في بحث التوبة ثم اختلفت المعتزلة في أنه إذا سقط استحقاق العقاب للمعصية بالتوبة هل يعود استحقاق ثواب الطاعة الذي أبطلته تلك المعصية فقال أبو علي وأبو هاشم لا لأن الطاعة تنعدم في الحال وإنما يبقى استحقاق الثواب وقد سقط والساقط لا يعود وقال الكعبي نعم لأن الكبيرة لا تزيل الطاعة وإنما تمنع حكمها وهو المدح والتعظيم فلا تزيل ثمرتها فإذا صارت بالتوبة كأن لم تكن ظهرت ثمرة الطاعة كنور الشمس إذا زال الغيم وقال بعضهم وهو اختيار المتأخرين لا يعود ثواب السابق لكن تعود طاعته السالفة مؤثرة في استحقاق ثمراته وهو المدح والثواب في المستقبل بمنزلة شجرة احترقت بالنار أغصانها وثمارها ثم انطفأت النار فإنه تعود أصل الشجرة وعروقها إلى خضرتها وثمرتها ا هـ‏.‏ وهذا يفيد ما قلنا ويفيد أن الخلاف بين الكعبي وغيره على عكس ما ذكره المؤلف وأن الخلاف المذكور عند المعتزلة في بطلان ثواب الطاعة بالمعاصي الكبائر لأنها عند هم تخرج صاحبها من الإيمان بمنزلة الردة لكن لا تدخله في الكفر نعم إذا مات مصرا عليها كان مخلدا في النار كالكفار

‏(‏قوله ومنها بقاء المعصية مع الردة‏)‏ قال القهستاني المعصية بالردة لا ترتفع كما في قاضي خان وغيره وعن أبي حنيفة لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين ثم ارتد ثم تاب سقط عنه القضاء كما في التتمة وذكر التمرتاشي أنه يسقط عند العامة ما وقع حال الردة وقبلها من المعاصي ولا يسقط عند كثير من المحققين ا هـ‏.‏ وتمامه فيه وأقول‏:‏ الذي يظهر لي ويتعين المصير إليه أن ما وقع من المعاصي قبل الردة لا يسقط بالردة أصلا وإنما يسقط بعد إسلامه كما يسقط ما وقع منه حال الردة لأن «الإسلام يجب ما قبله» كما في الحديث ووجهه أنه بإسلامه وتبريه عما كان عليه يصير تائبا عما صدر منه قبل الإسلام المذكور فقد ظهر بهذا أن المرتد في حال ردته تحبط طاعاته وهل تعود على الخلاف وأنه في حال ردته لا تسقط معاصيه إذ لا وجه لسقوطها بل قد ازداد فوقها أعظم الآثام وإنما تسقط معاصيه الماضية بإسلامه أو لا فيه الخلاف المذكور بناء على أن نفس الإسلام يكون توبة من المعاصي أيضا أو لا والذي يظهر من حديث‏:‏ «الإسلام يجب ما قبله» ما ذهب إليه العامة من سقوط المعاصي أي بالإسلام لا بالردة كما علمت تحقيقه والله أعلم ثم لا يخفى أن هذا كله في غير الذي يطالب بأدائه بعد الإسلام كحقوق العباد وقضاء ما تركه من صلاة وصيام‏.‏

‏(‏قوله لأن في إسلام غيره من الكفار تفصيلا‏)‏ قد ذكر المؤلف أقسام الكفار وما يصير به الكافر مسلما من قول أو فعل في أول كتاب الجهاد

‏(‏قوله كالثنوية‏)‏ هم المجوس القائلون بإلهين النور المسمى بزدان وشأنه خلق الخير والظلمة المسماة هرمز وشأنها خلق الشر كذا قاله بعض الفضلاء وعليه فالظاهر أن في عبارة المؤلف قلبا فإن المجوسي جاحد للباري تعالى بخلاف الوثني فإن عبدة الأوثان هم المشركون‏.‏

‏(‏قوله فصارت كالمرتدة الأصلية‏)‏ كذا في النسخ ولعله كالكافرة تأمل

قوله وإلا كان توريثا للكافر من المسلم‏)‏ كذا رأيته في الفتح والعبارة مقلوبة تأمل

‏(‏قوله فساوت قرابته المسلمين في ذلك‏)‏ كذا في النسخ والظاهر أنه سقط قبل هذا كلام وعبارة فتح القدير ومحمل الحديث الكافر الأصلي الذي لم يسبق له إسلام أو نقول استحقاق المسلمين له بسبب الإسلام والورثة ساووا المسلمين في ذلك وترجحوا بجهة القرابة

‏(‏قوله عند الموت أو القتل أو الحكم بلحاقه‏)‏ سيأتي قبيل قول المتن وتوقف مبايعته إلخ أن اعتبار كونه وارثا عند الحكم باللحاق قول أبي يوسف وأن محمدا اعتبر وقت اللحاق تأمل وفي شرح السير الكبير في ظاهر الرواية يعتبر من كان وارثا له يوم لحاقه ثم قال وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة يعتبر من كان وارثا له يوم قضاء القاضي بلحاقه والأصح ما ذكر في ظاهر الرواية

‏(‏قوله بمنزلة الولد الحادث من المبيع قبل القبض‏)‏ قال في الفتح ألا ترى أن الولد الذي يحدث من المبيع بعد البيع قبل القبض يجعل كالموجود عند ابتداء العقد في أنه يصير معقودا عليه ويكون له حصة من الثمن إلا أنها غير مضمونة حتى لو هلك في يد البائع قبل القبض بغير فعل أحد هلك بغير شيء وبقي الثمن كله على البائع

‏(‏قوله الوصف الأول‏)‏ وهو كونه وارثا وقت الردة وقوله الوصف الثاني وهو كونه وارثا عند موت المرتد أو قتله أو القضاء بلحاقه وقوله فعلى الأصح وهي رواية عن محمد‏.‏

‏(‏قوله وظاهرهما أن القضاء باللحاق قصدا صحيح‏)‏ قال في النهر ليس معنى الحكم بلحاقه سابقا على هذه الأمور أن يقول ابتداء حكمت بلحاقه بل إذا ادعى مدبر مثلا على وارثه أنه لحق بدار الحرب مرتدا وأنه عتق بسببه وثبت ذلك عند القاضي حكم أولا بلحاقه ثم بعتق ذلك المدبر كما يعرف ذلك من كلامهم تدبر ا هـ‏.‏ قال أبو السعود ومقتضى قوله حكم أولا بلحاقه إلخ أن الحكم بعتق المدبر لا يكفي عن الحكم باللحاق بل لا بد من الحكم باللحاق قبل الحكم بعتق المدبر وهو خلاف ما في البحر ا هـ‏.‏ ثم رأيت في شرح المقدسي ما يؤيد ما في النهر حيث قال ما قاله المحقق في فتح القدير في غاية التحرير وفيه رد على ما في المجتبى فالمراد أنه لا بد من وجود القضاء باللحاق لأنه شرط لتلك الأحكام والشرط لا بد من تحققه ليتحقق المشروط فإذا أراد القاضي الحكم بشيء من هذه الأحكام بدعوى ممن يتعلق به الحكم كالمدبر مثلا فيقضى أولا باللحاق ثم بالحكم المدعى لوجود تقدم الشرط على المشروط وليس معناه ما يتوهم ظاهرا أنه يقضى أولا باللحاق مستقلا بلا دعوى حكم من أحكامه وله نظير مذكور في محله ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وقال محمد يعتبر وقت لحاقه‏)‏ قدمنا عن شرح السير الكبير أن هذا ظاهر الرواية وأنه الأصح‏.‏

‏(‏قوله فدخلت الوصية في حال ردته‏)‏ قال في الفتح وأما ما أوصى به في حال إسلامه فالمذكور في ظاهر الرواية من المبسوط وغيره أنها تبطل مطلقا من غير فرق بين ما هو قربة وغير قربة ومن غير ذكر خلاف وذكر الولوالجي أن الإطلاق قوله وقولهما أن الوصية بغير القربة لا تبطل لأن لبقاء الوصية حكم الابتداء وابتداء الوصية بغير القربة بعد الردة عندهما يصح وعنده يتوقف فكذا هنا قيل أراد بالوصية بغير القربة الوصية للنائحة والمغنية وقال الطحاوي لا تبطل فيما لا يصح الرجوع عنه وحمل إطلاق محمد لبطلان الوصية على وصية يصح الرجوع عنها ووجه البطلان مطلقا أن تنفيذ الوصية لحق الميت ولا حق له بعد ما قتل على الردة أو لحق بدار الحرب فكان ردته كرجوعه عن الوصية فلا يبطل ما لا يصح الرجوع عنه كالتدبير

‏(‏قوله وتسليم الشفعة‏)‏ مفهومه أنه يثبت له طلب الشفعة وفي شرح السير الكبير ولو بيع دار بجنب دار المرتد قبل لحوقه بدار الحرب وطلب أخذها بالشفعة فله ذلك في قول محمد وفي قول أبي حنيفة لا شفعة له حتى يسلم بخلاف المرتدة ولو علم بالبيع في حال ردته فلم يسلم ولم يطلب بطلت شفعته لتركه الطلب بعد التمكن بأن يسلم ا هـ‏.‏

‏(‏قوله يلحقها الصريح في العدة‏)‏ أي ولو كان بائنا معنى كالطلاق الثلاث أو على مال

‏(‏قوله ولا يمكن توقف التسليم‏)‏ أي تسليم الشفعة وقوله لأنها أي الشفعة بطلت به أي بالتسليم مطلقا أي ولو غير مرتد تأمل

‏(‏قوله فقد ظهر أن تصرفاته على أربعة أقسام‏)‏ نظمها العلامة المقدسي في شرحه فقال وباتفاق صح دعوى ولده كذا طلاقه وحجر عبده وهكذا قبوله لهبته وهكذا تسليمه لشفعته وباطل بالاتفاق نكحه وهكذا ميراثه وذبحه وأوقفوا مفاوضات شركته تصريفه لطفله وطفلته انتهى ولعله سقط بيت إذ لم يستوف الباطل بأقسامه الخمسة وقد غيرت بيته الثالث فقلت وباطل نكاحه شهادته وصيده وارثه ذبيحته

‏(‏قوله ولم أر حكم التقاطه لقيطا‏)‏ أو لقطة قال في النهر وبقي إيداعه واستيداعه وأمانه وعقله ولا شك في عدم صحة أمانه إذ أمان الذمي يصح فهذا أولى وكذا عقله لأن التناصر لا يكون بالمرتد وأما التقاطه ولقطته وإيداعه واستيداعه فلا ينبغي التردد في جوازها منه‏.‏

‏(‏قوله والثاني إذا كاتب إلخ‏)‏ سيأتي ما يخالفه كما ينبه عليه

‏(‏قوله وقد يقال طريقه عوده مسلما‏)‏ قال في النهر ممنوع ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فحكمه كما إذا لم يرتد‏)‏ ليس على إطلاقه لأنه لا ينفذ ما تصرف فيه في ماله بنفسه بعد لحاقه ففي شرح السير الكبير ولو لحق فلم يقض بلحاقه حتى أعتق عبده الذي في دار الإسلام أو باعه من مسلم كان معه في دار الحرب ثم رجع تائبا قبل القضاء بلحاقه فماله مردود عليه كله وجميع ما صنع فيه باطل لأنه باللحاق زال ملكه وإنما توقف على القضاء دخوله في ملك ورثته فتصرفه بعد اللحاق صادف مالا غير مملوك له فلا ينفذ وإن عاد إلى ملكه بعد كالبائع بشرط خيار المشتري إذا تصرف في المبيع ثم عاد إلى ملكه بفسخ المشتري لم ينفذ تصرفه ولو أقر بحرية عبده أو بأنه لفلان جاز إذا عاد مسلما لأنه ليس بإنشاء التصرف بل هو إقرار والإقرار لازم في حق المقر وإن لم يصادف ملكه كما لو أقر بعبد الغير ثم اشتراه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏(‏قوله وفي التتارخانية هذا إذا ثبت إلخ‏)‏ أقول‏:‏ عبارة التتارخانية هكذا وأما ما اغتصب المرتد من شيء أو أفسده فضمان ذلك في ماله عندهم جميعا ثم قال ووجب بدل الإتلاف والغصب في الكسبين جميعا من غير أن يرتب كسب الردة على كسب الإسلام هذا إذا ثبت الإتلاف والغصب بالمعاينة إلخ ونقل مثله في الشرنبلالية عن فوائد الظهيرية‏.‏

قوله وينبغي أن يزاد إلخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن الكلام فيما جاء على الروايتين وليس في المزيد ما ذكرها في الهداية هو التحقيق‏.‏

‏(‏قوله وأما الثاني أعني ردته‏)‏ قال في التتارخانية وفي المنتقى ذكر ابن مالك عن أبي يوسف أن أبا حنيفة رجع عن قوله في ردة المراهق وقال ردته لا تكون ردة وهو قول أبي يوسف ا هـ ومثله في الفتح‏.‏

باب البغاة

‏(‏قوله وحكمهم عند جمهور الفقهاء والمحدثين حكم البغاة‏)‏ قال العلامة إبراهيم الحلبي في باب الإمامة من شرح المنية والمراد بالمبتدع من يعتقد شيئا على خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة وإنما يجوز الاقتداء به مع الكراهة إذا لم يكن ما يعتقده يؤدي إلى الكفر عند أهل السنة أما لو كان مؤديا إلى الكفر فلا يجوز أصلا كالغلاة من الروافض الذين يدعون الألوهية لعلي أو أن النبوة له فغلط جبريل ونحو ذلك مما هو كفر وكذا من يقذف الصديقة أو ينكر صحبة الصديق أو خلافته أو يسب الشيخين وكالجهمية والقدرية والمشبهة القائلين بأنه تعالى جسم كالأجسام ومن ينكر الشفاعة أو الرؤية أو عذاب القبر أو الكرام الكاتبين أما من يفضل عليا فحسب فهو مبتدع من المبتدعة الذين يجوز الاقتداء بهم مع الكراهة وكذا من يقول أنه تعالى جسم لا كالأجسام ومن قال أنه تعالى لا يرى لجلاله وعظمته‏.‏ واعلم أن الحكم بكفر من ذكرنا من أهل الأهواء ونحوهم مع ما ثبت عن أبي حنيفة والشافعي من عمد تكفير أهل القبلة من المبتدعة كلهم محمله أن ذلك المعتقد نفسه كفر فالقائل به قائل بما هو كفر وإن لم يكفر بناء على كون قوله ذلك عن استفراغ وسعه مجتهدا في طلب الحق لكن جزمهم ببطلان الصلاة خلفهم لا يصحح هذا الجمع اللهم إلا أن يراد بعدم الجواز عدم الحل مع الصحة وإلا فهو مشكل هكذا ذكره الشيخ كمال الدين بن الهمام وعلى هذا يجب أن يحمل المنقول على ما عدا غلاة الروافض ومن ضاهاهم فإن أمثالهم لم يحصل منهم بذل وسع في الاجتهاد فإن من يقول بأن عليا هو الإله أو بأن جبريل غلط ونحو ذلك من السخف إنما هو متبع محض الهوى وهو أسوأ حالا ممن قال‏:‏ ‏{‏ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى‏}‏ فلا يتأتى من مثل الإمامين العظيمين أن لا يحكما بأنهم من أكفر الكفرة وإنما كلامهما في مثل من له شبهة فيما ذهب إليه وإن كان ما ذهب إليه عند التحقيق في حد ذاته كفرا كمنكر الرؤية وعذاب القبر نحو ذلك فإن فيه إنكار حكم النصوص المشهورة والإجماع إلا أن لهم شبهة قياس الغائب على الشاهد ونحو ذلك مما علم في الكلام وكمنكر خلافة الشيخين والساب لهما فإن فيه إنكار حكم الإجماع القطعي إلا أنهم ينكرون حجية الإجماع بإتهامهم الصحابة فكان لهم شبهة في الجملة وإن كانت ظاهرة البطلان بالنظر إلى الدليل فبسبب تلك الشبهة التي أدى إليها اجتهادهم لم يحكم بكفرهم مع أن معتقدهم كفر احتياطا بخلاف مثل من ذكرنا من الغلاة فتأمل ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وظاهر ما في الكتاب إلخ‏)‏ قال في النهر قال في الفتح وإذا حبسها كان بيع الكراع أولى لأن حبس الثمن أنظر ولا ينفق عليهم من بيت المال لتتوفر مؤنتها وبه اندفع ما في البحر لما علمت من أن له حبسه وإن خالف الأولى‏.‏

‏(‏قوله وفي شرح المختار قال محمد إلخ‏)‏ مقتضاه أن كلام محمد في تغريم العادل وليس كذلك ويدل عليه تمام كلامه المنقول في شرح المختار وهو قوله بعدما ذكره هنا لأنهم أتلفوه بغير حق فسقط المطالبة ولا يسقط الضمان فيما بينه وبين الله تعالى ا هـ‏.‏ وقال في فتح القدير إذا تاب أهل البغي تقدم أنهم لا يضمنون ما أتلفوا وفي المبسوط وروي عن محمد قال أفتيهم بأن يضمنوا ما أتلفوا من النفوس والأموال ولا ألزمهم بذلك في الحكم قال شمس الأئمة وهذا صحيح فإنهم كانوا معتقدين الإسلام وقد ظهر لهم خطؤهم إلا أن ولاية الإلزام كانت منقطعة للمنفعة فيفتوا به

‏(‏قوله وفي الهداية وعلى هذا الخلاف إلخ‏)‏ قال في الفتح والباغي إذا قتل العادل بعد قيام منعتهم وشوكتهم لا يجب الضمان عليه عندنا بل يأثم وبه قال أحمد والشافعي في قوله الجديد ولو قتله قبل ذلك اقتص منه اتفاقا وكذا يضمنون المال وقال الشافعي في القديم يضمن وبه قال مالك لأنها نفوس وأموال معصومة فتضمن بالإتلاف ظلما وعدوانا وعلى هذا الخلاف إذا مات المرتد وقد أتلف نفسا أو مالا ولنا أنه إتلاف ممن لا يعتقد وجوب الضمان في حال عدم ولاية الإلزام عليه فلا يؤاخذ به قياسا على أهل الحرب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لا يجوز لنا الاستعانة بأهل الشرك على أهل البغي‏)‏ يوجد في عامة النسخ بعده إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر وفي بعضها أهل الشرك وهو في الفتح كذلك وعبارته بتمامها ولو ظهر أهل العدل فألجأهم إلى دار الشرك لم يحل لهم أن يقاتلوا البغاة مع أهل الشرك لأن حكم أهل الشرك ظاهر عليهم ولا يحل لهم أن يستعينوا بأهل الشرك على أهل البغي إذا كان حكم أهل الشرك هو الظاهر‏.‏

كتاب اللقيط

‏(‏قوله ويتعين إلخ‏)‏ أي يكون فرضه عين‏.‏

‏(‏قوله عممه فشمل الإمام الأعظم‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ المذكور في المبسوط للإمام الأعظم أن يأخذه بحكم الولاية العامة إلا أنه لا ينبغي له ذلك وهو الذي ذكره في الفتح أيضا وذلك أنه لما أن نقل عن علي أنه جيء له بلقيط فقال هو حر ولأن أكون وليت من أمره مثل الذي وليت أحب إلي من كذا وكذا فحرض على ذلك ولم يأخذه منه لأنه لا ينبغي للإمام أن يأخذه من الملتقط إلا بسبب يوجب ذلك لأن يده سبقت إليه فهو أحق به ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وينبغي أن ينتزع منه إلخ‏)‏ قال في النهر وينبغي أن يكون معناه أن الأولى أن ينزع منه لا أن يتعين عليه ذلك لما قدمناه عن الخانية فيما إذا علم القاضي عجزه عن حفظه بنفسه وأتى به إليه فإن الأولى له أن يقبله ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولم أر مثل هذا البيان لأصحابنا‏)‏ قال في النهر عند قول المصنف ووجب إن خاف الضياع أي لزم وفيه إيماء إلى أنه يشترط في الملتقط كونه مكلفا فلا يصح التقاط الصبي والمجنون ولا يشترط أن يكون مسلما عدلا رشيدا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح والفاسق أولى وأن العبد المحجور عليه يصح التقاطه أيضا فالمحجور عليه بالسفه أولى‏.‏

‏(‏قوله وقيده في الخانية بأن يقول إلخ‏)‏ قال في النهر لا وجود لهذا التقييد في الخانية فإن الذي فيها لو ادعى رجلان معا كل واحد منهما يقول هو ولدي من جارية مشتركة بينهما ثبت نسبه وصار ولدا لهما وهذا كما ترى لا يفيد تقييدا أصلا ثم رأيت في التتارخانية لو عين كل واحد منهما امرأة أخرى قضي بالولد بينهما وهل يثبت نسب الولد من المرأتين على قياس قول أبي حنيفة يثبت وعلى قولهما لا يثبت وقال قبله لو ادعته امرأتان كل واحدة منهما تقيم البينة على رجل على حدة معينة أنها ولدته منه قال أبو حنيفة يصير ولدهما من الرجلين جميعا وقالا يصير ولدهما لا ولد الرجلين ا هـ‏.‏ وهذا كما ترى صريح في أن اتحاد الوالدة ليس شرطا في ثبوته من متعدد نعم المذكور في الخانية عنهما أنه لا يصير ولدهما ولا ولد الرجلين

‏(‏قوله وإن لم يكن مشكلا حكم به لمن ادعى أنه ابنه‏)‏ قال المقدسي ينبغي إن وافق وإلا فلمن وافق ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والذي رأيته في التتارخانية وإن لم يكن مشكلا وحكم بكونه ابنا فهو للذي ادعى أنه ابنه ا هـ‏.‏ وعليه فلا إشكال‏.‏

‏(‏قوله هل يكونان له‏)‏ قال في النهر بعدما مر عن الجوهرة من أنه لو كان المال بقربه لا يكون له وبه عرف أن الدار التي هو فيها وكذا البستان لا يكون له بالأولى‏.‏

‏(‏قوله وفي الجامع الصغير لا يجوز أن يؤجره‏)‏ قال القهستاني في شرح النقاية أي ليأخذ الأجرة لنفسه اعتبارا بالعم بخلاف الأم فإن لها إجارته ا هـ‏.‏ وفي حاشية أبي السعود الذي يظهر حمل المنع من إجارته على ما إذا أجره الملتقط لتكون الأجرة لنفسه فلا ينافي ما ذكره القدوري لحمله على ما إذا كانت الأجرة للقيط وما سبق عن القهستاني يشير إلى ذلك وكذا تعليلهم المنع بإتلاف المنافع يشير إليه أيضا فلا خلاف في الحقيقة ا هـ‏.‏ فليتأمل وليراجع ما ذكره القهستاني‏.‏

كتاب اللقطة

‏(‏قوله لكن يرد عليه ما كان محرزا إلخ‏)‏ قال في النهر الحرز بالمكان ونحوه خرج بقوله يوجد أي في الأرض ضائعا إذ لا يقال في المحرز ذلك على أنه في المحيط جعل عدم الإحراز من شرائطها

‏(‏قوله فقد علمت أن ما في الخلاصة ليس مذهبنا‏)‏ قال في النهر ما في البدائع شاذ وما في الخلاصة يجري عليه في المحيط والتتارخانية والاختيار وارتضاه في الفتح وقيده في السراجية بأن يأمن على نفسه ردها

‏(‏قوله ولم أر حكم ما إذا ضاعت بعد ما خاف الضياع إلخ‏)‏ أقول‏:‏ ذكر في الخانية ما هو كالصريح في عدم ضمانه في الصورة المذكورة حيث قال رجل التقط لقطة ليعرفها ثم أعادها إلى المكان الذي وجدها فيه ذكر في الكتاب أنه يبرأ عن الضمان ولم يفصل بين ما إذا تحول عن ذلك المكان ثم أعادها إليه وبين ما إذا أعادها قبل أن يتحول قال أبو جعفر إنما يبرأ إذا أعادها قبل التحول أما إذا أعادها بعد ما تحول يكون ضامنا وإليه أشار الحاكم الشهيد في المختصر هذا إذا أخذ اللقطة ليعرفها فإن كان أخذها ليأكلها لم يبرأ عن الضمان ما لم يدفع إلى صاحبها لأنه إذا أخذ ليأكلها يصير غاصبا والغاصب لا يبرأ إلا بالرد على المالك من كل وجه وقيل على قول زفر يبرأ عن الضمان وهو كما لو كانت دابة فركبها ثم نزل عنها وتركها في مكانها على قول أبي يوسف يكون ضامنا وعلى قول زفر لا يكون ا هـ‏.‏ وتمامه فيها وسيذكره الشارح أيضا وهو بإطلاقه يشمل ما إذا خاف ضياعها بعد الرد وإذا لم يضمن حينئذ بعد رفعها فكيف قبله تأمل

‏(‏قوله بدليل قولهم كما في البزازية إلخ‏)‏ قال الحموي ولا حاجة إلى هذا فقد قال في البناية ولو التقط العبد شيئا بغير إذن مولاه يجوز عنده وعند مالك وأحمد والشافعي في قول ا هـ‏.‏ قاله أبو السعود

‏(‏قوله فقد علمت أن الملتقط ليس أحق بها‏)‏ قال في النهر بعد ذكر ما في الولوالجية لكن في السراج الصحيح أن له الخصومة لأن يده أحق‏.‏

‏(‏قوله فأفاد جواز الاستنابة في التعرف إلخ‏)‏ قال القهستاني عند قوله وعرفت وفي لفظ المجهول إشعار بأنه لو عرفها غيره بأمره جاز إذا عجز كما في الذخيرة وجاز دفعها إلى أمين وله استردادها منه وإن هلكت في يده لم يضمن كما في المنية

‏(‏قوله ولو سيب دابته إلخ‏)‏ قال في التتارخانية ولو أن رجلا ثاقب عليه دابته ولا قيمة لها من الهزال ولم يقل وقت الترك فليأخذها من شاء فأخذها رجل وأصلحها فالقياس أن يكون لآخذها كقشور الرمان المطروحة وفي الاستحسان تكون لصاحبها قال محمد لأنا لو جوزنا ذلك في الحيوان وجعلناه للأخذ لجوزنا في الجارية والعبد ترمى في الأرض مريضة لا قيمة لها فيأخذه رجل وينفق عليه حتى يصير ملكا له فيطأ الجارية ويجد ذلك من غير شراء ولا هبة ولا إرث ولا صدقة ويصح إعتاق الغلام من غير أن يملكه المالك وهذا أمر قبيح ا هـ‏.‏ وبه علم حكم ما ذكره الرملي مما كثر السؤال عنه وهو أن الحاج وغيره إذا أعيا بعيره تركه فيأخذه غيره حتى عاد لحاله‏.‏

‏(‏قوله وفي المجتبى والتصدق بيده في زماننا أولى‏)‏ قال في النهر وينبغي أن يفصل في القاضي إن غلب على ظنه ورعه وعدم طمعه رفع الأمر إليه وإلا لا‏.‏

‏(‏قوله لكن فيه نظر لأنه لا قبول إلخ‏)‏ قال المقدسي يحمل على أنه قال بجمع حضر فذهب بعضهم للنظر وتحصيلها فهذا قبول منه كما ذكروا في الوكالة لو وكله فباع كان قبولا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ في إجارات الولوالجية رجل ضاع له شيء فقال من دلني عليه فله كذا فالإجارة باطلة لأن المستأجر له ليس معلوما والدلالة والإشارة ليستا بعمل يستحق به الأجر فلا يجب الأجر وإن قال ذلك على سبيل الخصوص بأن قال لرجل بعينه إن دللتني عليه فلك كذا إن مشى له ودله يجب أجر المثل في المشي لأن ذلك عمل يستحق بعقد الإجارة إلا أنه غير مقدر بقدر فيجب أجر المثل وإن دله بغير مشي فهو والأول سواء ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وإنما فسرنا الصحة بالندب‏)‏ قال في النهر بعد أن فسر الصحة بالجواز وأنت خبير بأن استعمال لفظ الصحة بمعنى المندوب مما لا يعرف في كلامهم وعلى ما قررنا جرى الشارح العيني ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لا يخفى أن الصحة تجامع الإباحة والندب وغيرهما فلما كانت كذلك بين المؤلف أن المراد منها هنا الندب لما قاله ولا يتوهم أن المراد تفسيره معنى الصحة بما ذكره تفسيرا لغويا أو عرفيا‏.‏

‏(‏قوله فلو وصف المصنف البهيمة بالضالة لكان أولى‏)‏ قال في النهر وعندي أن لفظ الالتقاط يغني عنه‏.‏

‏(‏قوله وأشهد يرجع‏)‏ أي وإن فقد إذن القاضي‏.‏

‏(‏قوله وفي الهداية سوى بينهما‏)‏ قال في حواشي مسكين واعلم أنه اختلف في الآبق هل يؤجر كالضال أو لا ففي الهداية والكافي نعم قال في الدرر ولم أجده في غيرهما بل وجدت في المحيط والبدائع والخلاصة خلافه حيث قالوا لا يجوز إجارة الآبق لاحتمال أن يأبق ووفق بحمل ما في الهداية والكافي على ما إذا كان المستأجر ذا قوة ومنعة لا يخاف عليه عنده وما في غيرهما على خلافه أو بحمل كلامهما على الإيجار مع إعلام المستأجر بحاله ليحفظ غاية الحفظ وما في غيرهما على الإيجار مع جهله بحاله شرنبلالية عن المقدسي

‏(‏قوله ولم أر حكم اللقيط إذا صار مميزا إلخ‏)‏ قال أبو السعود أقول‏:‏ إذا جاز للملتقط أن يؤجره لتكون الأجرة للقيط كما يستفاد مما سبق عن القهستاني حيث قال وليس له أن يؤجره ليأخذ الأجرة لنفسه فكذا القاضي وتعليلهم المنع بإتلاف المنافع يشير إلى ما ذكره القهستاني من التقييد

‏(‏قوله وهو مشكل لأنه لو باع إلخ‏)‏ قال المقدسي قلت‏:‏ مرادهم لا يقبل مجرد قوله وما في الفتح مقيد بالبرهان فتوافق القولان‏.‏

‏(‏قوله فاندفع به ما ذكره القدوري إلخ‏)‏ أي فإن كلام الهداية والكافي يفيد أن السقوط قول أئمتنا فيندفع به قول القدوري أنه قول زفر وفي الشرنبلالية قوله فإن هلكت بعد حبسه سقطت لأنه في معنى الرهن هكذا ذكره في الهداية وتبعه جماعة ممن صنف وليس بمذهب لأحد من علمائنا الثلاثة وإنما هو قول زفر ولا يساعده الوجه قال القدوري في التقريب قال أصحابنا لو أنفق على اللقطة بأمر القاضي وحبسها بالنفقة وهلكت لم تسقط النفقة خلافا لزفر لأنها دين غير بدل من العين ولا عن عمل منه فيها ولا يتناولها عقد يوجب الضمان وبهذا القيد الأخير خرج الجواب عن قياس زفر على المرتهن وهو الوجه المذكور هنا وفي الهداية والله تعالى أعلم وقال في الينابيع ولو أنفق الملتقط على اللقطة بأمر الحاكم وحبسها ليأخذ ما أنفق عليها فهلكت لم تسقط النفقة عند علمائنا خلافا لزفر ا هـ‏.‏ من خط الشيخ قاسم كذا بخط الشيخ علي المقدسي وكتب بعده أقول‏:‏ إن خرج الجواب بما ذكر عن قياسه بالرهن لا يخرج الجواب عن قياسه بجعل الآبق وقد ذكره في الهداية ونص أنه إليه أقرب ويمكن أن يكون عن علمائنا فيه روايتان أو اختار قول زفر صاحب الهداية فتأمله انتهى إلى هنا كلام الشرنبلالية‏.‏

‏(‏قوله بأن يتملكها‏)‏ قال في النهر معنى الانتفاع بها صرفها إلى نفسه كما في الفتح وهذا لا يتحقق ما بقيت في يده لا تملكها كما توهمه في البحر لما أنها باقية على ملك صاحبها ما لم يتصرف فيها حتى لو كانت أقل من نصاب وعنده ما تصير به نصابا حال عليه الحول تحت يده يجب عليه زكاة ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنها لو كانت عينا فانتفع بها بلبس ونحوه لا يملكها مع أنه يصدق عليه أنه صرفها إلى نفسه ومراد المؤلف بالتملك الاحتراز عن الإباحة كما ينبه عليه أي ينتفع بها وهي ملكه حال الانتفاع لا أنه يباح له الانتفاع بها باقية على ملك صاحبها وإلا لم يكن له بيعها فليتأمل

‏(‏قوله وظاهر كلامهم متونا وشروحا إلخ‏)‏ يخالفه ما في متن مواهب الرحمن وينتفع بها بإذن القاضي وقيل بدونه وعزا الأول في شرحه البرهان إلى الأكثر كما نقله عنه في الشرنبلالية

‏(‏قوله وينبغي تقييد الصغير بأن يكون الملتقط فقيرا‏)‏ قال في النهر هذا سهو بل المراد الكبير إذ موضوع المسألة ما إذا كان الملتقط غنيا وله ابن فقير وهذا لا يتأتى في الصغير فكيف يشمله الإطلاق وقدمنا أنه لا يتصدق بها على ولد غني قال أبو السعود وقد تبعه الحموي ووجه عدمه الشمول أن ابن الغني الصغير يعد غنيا بغناء أبيه بخلاف ابنه الكبير حيث لا يعد غنيا بغناء أبيه وأقول‏:‏ تسهية صاحب البحر إنما تتجه أن لو كان تصدق الملتقط بها على غيره ينحصر فيما لو كان غنيا مع أنه لا ينحصر إذ للفقير أن يتصدق بها أيضا كالغني وإن جاز له أن يصرفها إلى نفسه لفقره فيحمل كلام البحر عليه وكون موضوع المسألة ما إذا كان الملتقط غنيا لا يقدح في صحته ا هـ‏.‏

كتاب الإباق

‏(‏قوله فعلى هذا يفترض أخذه إن خاف ضياعه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ هذا غلط فاحش وذلك أنه قدم عن البدائع أن أخذ اللقطة مع خوف الضياع ليس بفرض وأن القول بالفرضية مذهب الشافعي فكيف يفهم من قوله إن حكم أخذه حكم أخذ اللقطة أنه يكون فرضا فسبحان من تنزه عن السهو والنسيان نعم في الفتح يمكن أنه يجري فيه التفصيل في اللقطة بين أن يغلب على ظنه تلفه على المولى إن لم يأخذه مع قدرة تامة عليه فيجب أخذه وإلا فلا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا رده الأبوان أو أحدهما ولم يكن في عياله لا جعل له‏)‏ تبعه في هذا تلميذه الشيخ محمد الغزي في منحه، والذي رأيته في غاية البيان ومعراج الدراية وفتح القدير والعناية والبزازية والقهستاني والنهر أن الأب كبقية المحارم إن كان في عياله لا جعل له وإلا فله الجعل، وعبارة المعراج والجملة في ذلك أن الراد إذا كان في عيال مالك العبد أي في مؤنته ونفقته لا جعل له سواء كان الراد أبا للمالك أو ابنا له، وأما إذا لم يكن في عياله فعلى التفصيل إن كان الراد ابن المالك فلا جعل له أيضا وإن كان أباه فله الجعل إليه، أشار في الذخيرة وشرح الطحاوي وفي المبسوط جواب القياس أن الراد ذا الرحم المحرم يستحق الجعل في جميع ذلك إذا لم يكن في عياله ولكنه استحسن فقال إذا وجد الابن عبد أبيه فلا جعل له منه سواء كان في عياله أو لا؛ لأن رده على أبيه من جملة خدمته، وخدمة الأب مستحقة على الابن أما لو كان الراد أبا فإن كان في عياله ابنه لا جعل له؛ لأن آبق الرجل إنما يطلبه من في عياله عادة ولهذا ينفق عليهم فلا يستوجب مع جعل آخر وإن لم يكن الأب في عياله فله الجعل؛ لأن خدمة الابن غير مستحقة على الأب‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم رأيت في الحاوي القدسي ما نصه، وإذا كان الراد ممن في عيال مالك الغلام لا جعل له، وإن لم يكن في عياله فله الجعل سواء كان أجنبيا أو ذا رحم محرم إلا الوالدين والمولودين ا هـ‏.‏ فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ وشرط في التتارخانية أن يقول له نعم‏)‏ قال المقدسي الظاهر أنه ليس بشرط؛ لأن الظاهر منه التبرع بالعمل حيث لم يشرط عليه جعلا‏.‏

‏(‏قوله فالوارد إحدى عشرة‏)‏ أي بعد الأبوين أو أحدهما صورتين، وهذا بناء على ما قدمه أما على ما نقلناه عن شروح الهداية وغيرها فهما داخلان فيمن كان في عيال المولى، وزاد في الدر المختار نقلا عن النتف الشريك ويصور في الوارث كما سيذكره عند قوله وأم الولد والمدبر كالقن

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان وارثا ينظر إلخ‏)‏ في كافي الحاكم الشهيد فإن كان الذي جاء به هو وارث الميت وقد أخذه وسار به ثلاثة أيام في حياته، ثم مات وليس الوارث من عياله، قال له الجعل وقال أبو يوسف أما أنا فلا أرى للوارث جعلا إذا جاء به بعد موته، وإن كان أخذه في حياته ا هـ‏.‏

كتاب المفقود

‏(‏قوله؛ لأنه لا ينعزل بفقد موكله إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ الظاهر أنه لا يملك قبض ديونه التي أقر بها غرماؤه ولا غلاته وحينئذ فيحتاج إلى النصب وكان هذا هو السر في إطلاقهم نص الوكيل والله الموفق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تضمن الحكم به قضاء على الغائب‏)‏ قال في الحواشي السغدية فيه شيء والظاهر أن يقال قضاء للغائب وكتب على قوله وأنه لا يجوز ما نصه في فصل القضاء بالمواريث من شرح الأتقاني وأحال على المختلف أنه قيل يجوز القضاء للغائب عندهما ولا يجوز عنده

‏(‏قوله‏:‏ والحاصل إلخ‏)‏ هذا الحاصل ذكره في الفتح وبيانه أن اختلافهم في تقديره بتسعين أو بمائة أو بمائة وعشرين مبني على اختلاف الرأي في الغالب في طول العمر فبعضهم رأى أن الغالب في طول العمر أي الغالب في نهاية ما يعيش إليه الإنسان تسعون فقدره بها وبعضهم رأى أن الغالب فيه المائة فقدر بها وهكذا وبعضهم نظر إلى الغالب مطلقا أي لا من حيث كونه أطول ما يعيش إليه الإنسان، بل من حيث كونه الغالب في أصل الطول وهو الستون فإن من يعيش إلى الستين أكثر ممن يعيش إلى التسعين أو أكثر قال في الفتح وعندي الأحسن سبعين لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «‏:‏ أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين» فكانت المنتهى غالبا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والعجب من المشايخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن التفحص عن موت الأقران غير ممكن أو فيه حرج فعن هذا اختار المشايخ تقديره بالسن ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقد يكون هذا التقدير تفسيرا لظاهر الرواية بأن المراد منه الأقران غالبا لكنهم اختلفوا في الغالب هل المراد أطول ما يعيش إليه الأقران أو أغلب ما يعيشون إليه كالستين كما بيناه آنفا‏.‏

كتاب الشركة

‏(‏قوله‏:‏ وتمامه في جامع الفصولين إلخ‏)‏ أقول‏:‏ أوضحه في جامع الفصولين من الخامس والثلاثين في التصرفات في الأعيان المشتركة فقال أرض أو كرم بين حاضر وغائب أو بين بالغ ويتيم فالحاضر أو البالغ يرفع الأمر إلى القاضي، ولو لم يرفع ففي الأرض يزرع بحصته ويطيب له ذلك ويقوم على الكرم فيبيع ثمره ويأخذ حصته ويوقف حصة الغائب ويبيع له ذلك، وإذا قدم الغائب ضمنه القيمة أو أجاز بيعه وذكر في مواضع أخر عن محمد رحمه الله لو أخذ الشريك نصيبه من الثمن وأكله جاز ويبيع نصيب الغائب ويحفظ ثمنه فلو حضر صاحبه يخير كما مر فلو لم يحضر فهو كلقطة‏.‏ قال ت هذا استحسان وبه أخذ، ولو أدى الخراج كان متبرعا وذكر محمد رحمه الله في فصل غاب أحد شريكي الدار فأراد الحاضر أن يسكنها رجلا أو يؤجرها لا ينبغي أن يفعل ذلك ديانة؛ إذ التصرف في ملك الغير حرام حقا لله تعالى وللمالك ولا يمنع منه قضاء؛ لأن الإنسان لا يمنع عن التصرف فيما في يده لو لم ينازعه أحد فلو أجر وأخذ الأجر يرد على شريكه نصيبه لو قدر وإلا تصدق به لتمكن الخبث فيه لحق شريكه فكان كغاصب أجر يتصدق بالأجر أو يرده على المالك‏.‏ وأما نصيبه فيطيب له؛ إذ لا خبث فيه هذا لو أسكن غيره أما لو سكن بنفسه ليس له ذلك ديانة قياسا وله ذلك استحسانا إذ له أن يسكنها بلا إذن شريكه حال حضوره إذ يتعذر عليه الاستئذان في كل مرة على هذا أمر الدور فيما بين الناس فكان له أن يسكن حال غيبته بخلاف إسكان غيره إذ ليس له ذلك حال حضرته بلا إذنه فكذا حال غيبته ‏(‏غن‏)‏ دار بينهما غير مقسومة غاب أحدهما وسع الحاضر أن يسكن بقدر حصته فيسكن الدار كلها وكذا الخادم بينهما غاب أحدهما فللحاضر أن يستخدمه بحصته وفي الدابة لا يركبها الحاضر لتفاوت الناس في الركوب لا السكنى والاستخدام فيتضرر الغائب بركوبها لا بهما ن عن محمد رحمه الله للحاضر أن يسكن كل الدار لو خاف خرابها لو لم يسكنها وعن ح رحمه الله ليس للحاضر في الأرض أن يزرع بقدر نصيبه وفي الدار له أن يسكنها ‏(‏بر‏)‏ أن له ذلك في الوجهين فلو سكن الدار أحد شريكيهما بغيبة الآخر لا يلزمه الأجر‏.‏ ولو أعدت للاستغلال، والأصل أن الدار المشتركة في حق السكنى وتوابعه تجعل كملك لكل من الشريكين على الكمال إذ لو تجعل كذلك يمتنع كل منهما من دخول وقعود ووضع أمتعة فيتعطل عليهما منافع ملكهما وهو لم يجز فصار الحاضر ساكنا في ملك نفسه فكيف يلزم الأجر ا هـ‏.‏ وهذه المسائل كثيرة الوقوع فلتحفظ، وفي الخانية قبيل كتاب الإقرار، ثم في الدار المشتركة إذا كان أحدهما غائبا فإن للحاضر أن يسكن كل الدار بقدر حصته وفي رواية له أن يسكن من الدار قدر حصته، ولو خاف أن تخرب الدار بترك السكنى كان له أن يسكن كل الدار‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فأشرك في طحنها‏)‏ مصدر بمعنى اسم المفعول أي مطحونها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ جاز وله الخيار‏)‏ مقتضاه أن يجوز على أنه بيع ويشكل ذلك بأن البيع بلا معرفة الثمن كيف يجوز فليتأمل ذلك

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر كلام المصنف إلخ‏)‏ أقول‏:‏ في الولوالجية ما نصه ولا تصح الشركة إلا بلفظ المفاوضة ليكون اللفظ دليلا على معنى العموم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ احترازا عن أرش الجنايات على بني آدم‏)‏ قال في النهر أما الجناية على الدابة أو الثوب فتلزمه في قول الإمام ومحمد لما أنه يملك المجني عليه بالضمان قاله الحدادي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يستحلف كل واحد ألبتة‏)‏ أي اليمين ألبتة فألبتة قائم مقام المفعول المطلق المحذوف قيام الصفة مقام الموصوف قاله بعض الفضلاء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تنعقد الشركة بالدفع‏)‏ ظاهره أنها تنعقد بالدفع بعد فسادها بالافتراق بلا دفع، وظاهر ما يأتي عن البزازية يفيد جوازها موقوفا على إحضار المال وقت الشراء تأمل، والذي في الفتح موافق لما في البزازية فإنه قال ولم يشترط حضور المال وقت العقد وهو صحيح، بل الشرط وجوده وقت الشراء، ثم ذكر مسألة ما لو دفع إلى رجل ألفا وقال أخرج مثلها

‏(‏قوله‏:‏ وإنما هي عائدة إلى البيع فقط‏)‏ قال في النهر كيف يصح هذا مع قوله في الهداية لما بينا أن العرض لا يصلح مال الشركة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ هذا يقتضي أن تكون شركة ملك لا عقد‏)‏ كذا في بعض النسخ، والإشارة إلى قول المحيط وقال في موضع آخر وفي النهر بعد ذكر ما في المحيط والثاني بالقواعد أليق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ينبغي أن تكون عنانا‏)‏ قال في الخانية ولا يكون في شركة العنان كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه إذا لم يذكر الكفالة بخلاف المفاوضة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا أن الأول قد يرجح إلخ‏)‏ قد علمت ما نقلناه عن الخانية فإن مقتضاه صحة الكفالة، وإن كانت لمجهول وليست ضمنا ولعل وجهه أن العنان، وإن كانت لا تقتضي الكفالة أي لا تستلزمها لعدم ما يوجبها فذلك لا يوجب عدم لزومها فيها مع التصريح بها، بل هي جائزة فيها فثبت صريحا أو دلالة فالتصريح بها تصريح بما هو جائز فيها فيثبت تبعا لها كما تثبت الكفالة في المفاوضة إذا لم يصرح بلفظ المفاوضة، بل صرح بتمام معناها كما مر ولا يخفى أن فيه التصريح بالكفالة فقد ثبتت الكفالة فيه مع التصريح بها ولم تجعل قصدا، بل ضمنا

‏(‏قوله‏:‏ أما إن شرطاه للقاعد إلخ‏)‏ لم يذكر ما لو اشترطاه للقاعد وكان ماله أكثر كما لو وضع القاعد تسعة آلاف مثلا ووضع العامل ألفا واشترطا ثلثي الربح للقاعد والثلث للعامل وهذه تقع كثيرا ويؤخذ عدم الجواز من قول المحيط الآتي قريبا، وإن شرطا العمل على أقلهما ربحا خاصة لا يجوز والربح بينهما على قدر رأس مالهما فإنه يفيد أنه إذا اختلف رأس المال وكان العامل هو الأقل ربحا لا يجوز الشرط، بل يكون الربح على قدر المال وحينئذ فيحصل على العامل إجحاف زائد؛ لأنه يحصل له في صورتنا المذكورة عشر الربح مع تعبه في العمل لكن ما ننقله قريبا عن الظهيرية فيه ما يفيد الجواز فتأمله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي المحيط ثم المسألة على ثلاثة أوجه إلخ‏)‏ ذكر ذلك في الظهيرية، ثم قال بعده بيان ما ذكرنا فيما ذكر محمد في الأصل إذا جاء أحدهما بألف درهم والآخر بألفين واشتركا على أن الربح بينهما نصفان والعمل عليهما فهو جائز ويصير صاحب الألف في معنى المضارب إلا أن معنى المضاربة تتبع لمعنى الشركة، والعبرة للأصل دون التبع فلا يضرهما اشتراط العمل عليهما، وإن اشترطا العمل على صاحب الألف فهو جائز، وإن اشترطا العمل على صاحب الألفين لا يجوز، وإن اشترطا الربح على قدر رأس مالهما أثلاثا والعمل من أحدهما كان جائزا، وإن شرطا أن يكون الربح والوضيعة بينهما نصفين فشرط الوضيعة نصفين فاسد ولكن بهذا لا تبطل الشركة؛ لأن الشركة لا تبطل بالشروط الفاسدة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقوله وإن اشترطا الربح على قدر رأس مالهما إلخ يفيد الجواز في المسألة التي ذكرناها قريبا؛ لأن قوله‏:‏ والعمل من أحدهما يشمل ما لو كان العامل صاحب الألف الذي ربحه أقل من صاحب الألفين فيفيد صحة اشتراط كون الربح أكثر للقاعد إذا كان رأس ماله أكثر من رأس مال العامل تأمل هذا وقد ذكر الشارح الزيلعي في أول كتاب المضاربة عند قوله‏:‏ والمضارب أمين إلخ ما نصه وإذا أراد أن يجعله عليه مضمونا أقرضه رأس المال كله وأشهد عليه وسلمه إليه، ثم يأخذه منه مضاربة، ثم يدفعه إلى المستقرض يستعين به في العمل فإذا عمل وربح كان الربح بينهما على الشرط وأخذ رأس المال على أنه بدل القرض، وإن لم يربح أخذ رأس المال بالقرض، وإن هلك هلك على المستقرض وهو العامل أو أقرضه كله إلا درهما منه وسلمه إليه عقدا شركة العنان، ثم يدفع إليه الدرهم ويعمل فيه المستقرض فإن ربح كان بينهما على ما شرطا، وإن هلك هلك عليه ا هـ‏.‏ كلام الزيلعي، وهو صريح في أن اشتراط العمل على الأكثر مالا جائز وهو مخالف لما تقدم عن الأصل من قوله، وإن اشترطا العمل على صاحب الألفين لا يجوز، تأمل، ثم رأيت في كتاب الشركة من الخانية ما نصه‏:‏ ولو تفاوتا في المال في شركة العنان وشرطا الربح والوضيعة نصفين، قال في الكتاب الشركة فاسدة قالوا لم يرد محمد رحمه الله تعالى بهذا فساد العقد إنما أراد به فساد شرط الوضيعة؛ لأن الشركة لا تبطل بالشروط الفاسدة‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا بإطلاقه يشمل ما إذا كان العمل منهما أو من أحدهما سواء كان صاحب الأكثر أو الأقل والذي يتعين المصير إليه في التوفيق هو أن يقال إذا اشترطا العمل على أحدهما لا يصح أن يكون هو الأقل ربحا، بل يكون الربح على قدر ماليهما أما إذا شرطا العمل عليهما وشرطا التفاضل في الربح وكان مال أحدهما أكثر أو لا يصح ذلك سواء عملا أو عمل أحدهما متبرعا، فيحمل كلام المحيط على ما إذا شرطا العمل على أحدهما كما هو صريح عبارته ويحمل كلام الزيلعي على ما إذا شرطاه عليهما، ثم يعمل أحدهما متبرعا بلا شرط، ثم رأيت المؤلف صرح بما يدل على ذلك قبيل باب الكفالة في بحث ما لا يبطل بالشرط الفاسد حيث قال ما نصه قوله والشركة بأن قال شاركتك على أن تهديني كذا، ومن هذا القبيل ما في شركة البزازية لو شرطا العمل على أكثرهما مالا والربح بينهما نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ا هـ‏.‏ وقد وقعت حادثة توهم بعض حنفية العصر أنها من هذا القبيل وليس كذلك هي تفاضلهما في المال، وشرطا الربح بينهما نصفين، ثم تبرع أفضلهما مالا بالعمل، وأجبت بأن الشرط صحيح اشتراط العمل على أكثرهما مالا والتبرع ليس من قبيل الشرط والدليل عليه ما في بيوع الذخيرة اشترى حطبا في قرية شراء صحيحا وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء أحمله إلى منزلي لا يفسد العقد؛ لأن هذا ليس بشرط في البيع، بل هو كلام مبتدأ بعد تمام البيع فلا يوجب فساده ا هـ‏.‏ إلى هنا كلام المؤلف صاحب البحر وهو صريح فيما قلنا والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأحد شريكي العنان لا يملك الاستدانة إلخ‏)‏ أقول‏:‏ وفي الخانية وإذا اشتركا شركة عنان فاشترى أحدهما متاعا فقال الشريك الآخر هو من شركتنا وقال المشتري هو لي خاصة اشتريته بمالي لنفسي قبل الشركة كان القول قول المشتري؛ لأنه حر يعمل لنفسه فيما اشترى فيكون القول قوله مع يمينه بالله تعالى ما هو من شركتهما‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقد وقعت حادثة الفتوى اشترى أحدهما متاعا وقال هو للشركة وقد دفعت ثمنه من مالي لأرجع عليك بحصتك من الثمن فقال الآخر دفعت ثمنه من مال الشركة ولا رجوع لك علي والذي يظهر أن القول قول المشتري لما ذكر قاضي خان أنه حر إلخ وذلك؛ لأنه لما صدقه في الشراء ثبت الشراء للشركة وبه يثبت نصف الثمن بذمته، وقوله دفعت من مال الشركة دعوى وفائه فلا يقبل بلا بينة ولذلك قالوا فإن كان شراؤه لا يعرف إلا بقوله فعليه الحجة؛ لأنه يدعي وجوب المال في ذمة الآخر وهو ينكر وهنا ليس منكرا، بل مقر بالشراء الموجب لتعلق الثمن بذمته، وإذا طلب اليمين أنه ما دفعه من مال الشركة فله ذلك تأمل رملي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو اشترى من جنس تجارتهما وأشهد إلخ‏)‏ أقول‏:‏ في فتاوى قارئ الهداية ما نصه إذا اشترى أحد الشريكين عينا ونقد الثمن من مال الشركة، ثم ادعى مشتراه لنفسه خاصة فهل يقبل قوله أو لا ‏؟‏ أجاب إن كانت شركة عنان وله بينة تشهد أنه عند العقد صرح بالشراء لنفسه خصوصا فالمشترى له، وإن لم يكن له بينة فإن نقد من مال شريكه فالمشترى على الشركة‏.‏ ا هـ‏.‏ فتأمل ورأيت بخط بعض العلماء أن ما ذكره قارئ الهداية لم يستند فيه إلى نقل فلا يعارض ما في المحيط‏.‏ ا هـ‏.‏ ويمكن الجواب بحمل ما في فتاوى قارئ الهداية على ما إذا لم يكن من جنس تجارتهما فيحصل التوفيق تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا اعلم أنه ليس للشريك أن يشارك‏)‏ ليس هذا على إطلاقه كما سينبه عليه المؤلف بعد ورقة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقبول هدية المفاوض‏)‏ ينبغي تقييد الهدية بالمأكول ليلا، ثم قوله‏:‏ ولو كسي ثوبا أو وهبه لم يجز، وأما تقييده بالمفاوض فاتفاقي، ولو أبدله بالشريك لكان أولى قاله أبو السعود‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لو صار على الشركة يصير فيضرها وأنه لا يملك ذلك‏)‏ تقدم قبل ورقتين عن المحيط زيادة إلا أن يأذن له في ذلك وبه يشعر قوله في الولوالجية؛ لأنه لو وقع مشتركا تضمن إيجاب مال زائد على الشركة وهو لم يرض بالزيادة على رأس المال‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو حط أو أخر إلخ‏)‏ أي حط عن المشتري بعض الثمن بمقابلة العيب أو أخر عنه الثمن أي أجله عليه للعيب وما ذكره هنا ذكر مثله في الخلاصة والولوالجية، وذكر في الخانية في فصل شركة العنان، ولو باع أحدهما فرد عليه بعيب بغير قضاء جاز عليهما وكذا لو حط الثمن أو وهب بعض الثمن‏.‏ ا هـ‏.‏ فيحمل على ما إذا كان ذلك بمقابلة العيب بقرينة صدر المسألة، وذكر في الخانية أيضا ولو أبرأ أحدهما صح إبراؤه عن نصيبه ا هـ‏.‏ وهذا محمول على ما إذا لم يكن بمقابلة عيب وبه يحصل التوفيق بين كلامهم تأمل، ثم هذا في شركة العنان أما في شركة المفاوضة فقال في الخانية‏:‏ ولو باع أحدهما شيئا، ثم وهب الثمن من المشتري أو أبرأه جاز في قول أبي حنيفة ويضمن نصيب صاحبه كالوكيل بالبيع إذا فعل ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الظهيرية كما سينقله المؤلف عنها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن التوكيل به لا يصح‏)‏ قال في الخانية إلا أن يقول الوكيل للمقرض إن فلانا يستقرض منك ألف درهم فحينئذ يكون المال على الموكل لا على الوكيل‏.‏

‏(‏قوله وفي الخانية ليس لأحدهما إلخ‏)‏ ذكر في الخانية هذه المسائل في فصل شركة العنان‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو استقرض أحد شريكي العنان مالا إلخ‏)‏ لا ينافي ما مر قريبا من أنه لو أذن كل منهما للآخر بالاستقراض لا يرجع المقرض على الآخر؛ لأنه لا يلزم من كون ما استقرضه أحدهما يلزمها أن يرجع المقرض على الآخر نظيره ما لو اشترى شيئا طولب المشتري فقط كما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو أقر إلخ‏)‏ قال في جواهر الفتاوى من أول باب الشركة‏:‏ تصرف أحد الشريكين في البلد والآخر في السفر فلما أرادا القسمة قال الذي في يده المال قد استقرضت مائة دينار وآخذ عوضها إن كان المال في يد المقر فالإقرار صحيح وله أن يأخذ المائة ا هـ‏.‏ وبمثله أفتى العلامة خير الدين وقال في حاشيته على المنح ما نصه أقول‏:‏ ووجه ذلك أنه إذا كان المال في يده وقد تقرر أنه أمين فقد ادعى أن مائة دينار منها حق الغير بخلاف ما إذا لم يكن في يده؛ لأنه يدعي دينا عليه فلا يقبل وأقول‏:‏ لو قال لي في هذا المال الذي في يدي كذا يقبل أيضا؛ لأنه ذو اليد والقول قول ذي اليد فيما بيده أنه له كما يقبل قوله أنه للغير تأمل وهي واقعة الفتوى وبه أفتيت ا هـ‏.‏ كلامه‏.‏ لكن يرد على ما في الجواهر عبارة الخانية ويمكن الجواب بحمل ما في الخانية على ما إذا لم يكن المال في يده وما في الجواهر على ما إذا كان في يده كما يستفاد من عبارة الجواهر وتعليل الشيخ خير الدين والمطلق يحمل على المقيد إذا اتحدت الحادثة والحكم كذا في المجموعة الصغيرة بخط ملا علي التركماني أمين الفتوى بدمشق رحمه الله تعالى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الظهيرية إذا باع أحد المتفاوضين شيئا إلخ‏)‏ انظره مع ما مر عن البزازية من قوله وما كان إتلافا للمال أو تمليكا بغير عوض فإنه لا يجوز، ثم راجعت الظهيرية فرأيته قال ويضمن نصيب صاحبه بعد قوله جاز في قول أبي حنيفة ومحمد وكذا قال في الخانية كما قدمناه عنها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر كلام الولوالجي إلخ‏)‏ قال الرملي ليست هذه عبارته وإنما عبارته، ولو وكل بقبض وديعة، ثم مات الموكل فقال الوكيل قبضت في حياته وهلك وأنكرت الورثة أو قال دفعته إليه صدق، ولو كان دينا لم يصدق؛ لأن الوكيل في الموضعين حكى أمرا لا يملك استئنافه لكن من حكى أمرا لا يملك استئنافه إن كان فيه إيجاب الضمان على الغير لا يصدق، وإن كان فيه نفي الضمان عن نفسه صدق، والوكيل يقبض الوديعة فيما يحكي بنفي الضمان عن نفسه فصدق والوكيل يقبض الدين فيما يحكى يوجب الضمان على الموكل وهو ضمان مثل المقبوض فلا يصدق‏.‏ ا هـ‏.‏ فكلام الولوالجي في دعوى القبض وإنكار الورثة ذلك لا في دعوى الدفع في الدفع إذ لو صدقته الورثة في القبض وأنكرت الدفع يقبل قوله بلا شبهة، والظاهر أنه أراد نقل ذلك بالمعنى فتصرف في العبارة فأفسده‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ الثانية نهاه عن الإخراج‏)‏ في مضاربة الجوهرة ما يؤيده ونصه عند قول القدوري وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجاوز ذلك فإن خرج إلى غير ذلك البلد أو دفع المال إلى من أخرجه لا يكون مضمونا عليه بمجرد الإخراج حتى يشتري به خارج البلد فإن هلك المال قبل التصرف فلا ضمان عليه وكذا لو أعاده إلى البلد عادت المضاربة كما كانت على شرطها، وإن اشترى به قبل العود صار مخالفا ضامنا ويكون ذلك له؛ لأنه تصرف بغير إذن صاحب المال فيكون له ربحه وعليه وضيعته لا يطيب له الربح عندهما خلافا لأبي يوسف، وإن اشترى ببعضه وأعاد بقيته إلى البلد ضمن قدر ما اشترى به ولا يضمن قدر ما أعاد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها أيضا وألفاظ التخصيص والتقييد أن يقول خذ هذا مضاربة بالنصف على أن تعمل به في الكوفة أو فاعمل به في الكوفة أما إذا قال واعمل به في الكوفة بالواو لا يكون تقييدا إذ له أن يعمل فيها وفي غيرها؛ لأن الواو حرف عطف ومشورة وليست من حروف الشرط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أحدها متولي المسجد‏)‏ التقييد بمتولي المسجد أخرج غيره كمتولي وقف على جماعة وقد أوضح المقام العلامة البيري في حاشية الأشباه في الوديعة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال رضي الله عنه فسادها لهذه الشروط‏)‏ قال الرملي قدم أنها لا تفسد بالشروط الفاسدة وفي البزازية الشركة تبطل ببعض الشروط الفاسدة حتى لو شرط التفاضل في الوضيعة لا تبطل الشركة وتبطل باشتراط عشرة لأحدهما، والظاهر أنها لا تبطل بأكثر الشروط‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه يحصل الجواب تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقلنا ولو كان حكما ليشمل إلخ‏)‏ قال في النهر لا حاجة إليه إذ المشترك فيه إنما هو العمل لا خصوص الخياطة ولذا قالوا من صور هذه الشركة أن يجلس آخر على دكانه فيطرح عليه العمل بالنصف والقياس أن لا تجوز؛ لأن من أحدهما العمل ومن الآخر الحانوت واستحسن جوازها؛ لأن التقبل من صاحب الحانوت عمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا تجوز شركة الدلالين‏)‏ لأن عمل الدلالة لا يمكن استحقاقه بعقد الإجارة حتى لو استأجر دلالا يبيع له أو يشتري فالإجارة فاسدة إذا لم يبين له أجلا كما صرح به في إجارة المجتبى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمعازي بالزمزمة‏)‏ قال في القاموس العز الصبر أو حسنه كالتعزوة والزمزمة الصوت البعيد له دوي وتتابع صوت الرعد والمراد القراءة في المأتم الذي يصنع للأموات مع التمطيط، قال ابن الشحنة في شرح الوهبانية والمؤلف بالغ في النكير على إقرارهم على هذا في زمانه وعلى القراءة بالتمطيط ومنع جوازها وجواز سماعها وقال بوجوب إنكارها وأطنب في إنكارها وذلك فيما إذا مطط تمطيطا يؤدي إلى زيادة حرف ونحو ذلك، أما القراءة بالألحان إذا سلمت من ذلك فإنها مندوب إليها ا هـ‏.‏

فصل في الشركة الفاسدة

‏(‏قوله أو سهلة الزجاج‏)‏ معطوف على الطين أي أو كانت سهلة الزجاج مملوكة

‏(‏قوله‏:‏ ولذا قال في المحيط دفع دابته إلى رجل إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لم أر من ذكر الدابة المشتركة بين اثنين إذا دفعها أحدهما للآخر على أن يؤجرها ويعمل عليها وما حصل فهو بينهما أثلاثا الثلثان للعامل والثلث للآخر ولا شك في فساد الشركة؛ لأن المنفعة كالعروض كما صرح به في الخانية فكما لا تصح في العروض لا تصح فيها، وإذا قلنا بفسادها فالأجر مقسوم بينهما على قدر ملكهما للعامل منهما أجر مثل عمله ولا يشبه العمل في المشترك حتى نقول لا أجر له؛ لأن العمل فيما يحمل وهو لغيرهما فتأمل ذلك وهذه كثيرة الوقوع ببلادنا وغيرها وأنا في عجب من سكوتهم عنها، وإن أخذت من فحوى كلامهم والله الموفق‏.‏ قال في الولوالجية‏:‏ وإن اشتركا ولأحدهما بغل وللآخر بعير على أن يؤجرا ذلك فما رزقهما الله تعالى فهو بينهما نصفان فهذا فاسد؛ لأن هذه شركة وقعت على إجارة الدواب لا تقبل العمل؛ لأن تقدير هذا أن يقول لصاحبه بع منافع دابتك ليكون ثمنه بيننا، ولو صرحا بهذا كانت الشركة فاسدة، ثم إذا فسدت هذه الشركة فبعد ذلك المسألة على ثلاثة أوجه إن أجر كل واحد منهما دابته خاصة كان لكل واحد منهما أجر دابته خاصة كما قبل الشركة، وإن أجراهما بأعيانهما صفقة واحدة ولم يشترطا في الإجارة عمل أحدهما كان الأجر مقسوما بينهما على قدر أجر مثل دابتهما كما قبل الشركة، وإن أجر كل واحد منهما دابته وشرطا عملهما في الدابة أو عمل أحدهما من السوق والحمل وغير ذلك كان الأجر مقسوما بينهما على قدر أجر مثل دابتهما وعلى مقدار أجر عملهما كما قبل الشركة ا هـ‏.‏ وهو مؤيد لما قلنا خير الدين الرملي على المنح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ المصنف وتبطل الشركة بموت أحدهما‏)‏ أي تبطل شركة الميت قال في الظهيرية‏:‏ ولو كان الشركاء ثلاثة مات أحدهم حتى انفسخت الشركة في حقه لا تنفسخ في حق الباقين‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي فتح القدير أن هذا غلط إلخ‏)‏ قال المقدسي في شرحه‏:‏ حاصله أنه لو أبقى كلام الخلاصة على ظاهره كان غلطا لما أنه صرح بخلافه فلا بد من تأويل عبارته إلى ما ذكر في التجنيس من أنه لا يملك تغيير موجبها وهو اشتراك كل مشتري بأن يجعل بعض المشتريات خاصا مع بقاء عقد الشركة لا يملكه أحدهما بدون رضا الآخر، وكونه يملك بانفراده الفسخ ورفع العقد لا ينافي ذلك وأقول‏:‏ من هنا يتضح الفرق بين الوكيل وبين الشريك فإن سكوت الموكل حين قال الوكيل أريد شراء الأمة لنفسي يكفي؛ لأنه كأنه عزل نفسه من الوكالة بعلم الموكل فصح وأحد الشريكين لما سكت مع بقاء حكم الوكالة المتضمنة للشركة لا يدل على الرضا لاحتمال أنه معتمد على الشركة الباقية وأن حكمها اشتراك كل مشتري وأن الشرط المفسد لا يفسدها فلم يتم رضاه، والوكالة الحكمية باقية بخلاف الوكالة المفردة؛ لأنها ارتفعت بقول الوكيل أريد شراءها لنفسي أي لا لك وقد سكت فلو كان له غرض في بقائه لمنعه بما يشاهد، وهذا فرق لطيف ظهر للعبد الضعيف‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والتعليل الصحيح إلخ‏)‏ أي في مسألة الجارية السابقة أي لا يعلل بأن الوكيل يملك عزل نفسه رضي الموكل أم لا والشريك لا يملك فسخها بلا رضا الآخر؛ لأنه مخالف لما صححه من انفراد الشريك بالفسخ والمال عروض، قال في النهر‏:‏ ولو حمل فرق الخلاصة على ما اختاره الطحاوي لكان أولى من نسبة الغلط إليه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد ظهر لي أن لا غلط في كلامهم إلخ‏)‏ حاصل هذا التوفيق إرجاع تعليلهم المسألة السابقة إلى ما ذكره في التجنيس وقد جعله في شرح المقدسي مؤدى كلام الفتح كما علمته وهو بعيد، بل الظاهر أن مراد صاحب الفتح بيان المخالفة لما في التجنيس والمؤلف رحمه الله تعالى وفق بينهما بعدمها لكن قال في النهر وأنت خبير بأن تغيير موجبها لا يسمى فسخا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه نظر؛ لأنه إن أراد لا يسمى فسخا للعقد بالكلية فمسلم وليس الكلام فيه، وإن أراد لا يسمى فسخا للاشتراك في ذلك المشترى الخاص فممنوع، نعم المتبادر من قولهم في التعليل المذكور وأحد الشريكين لا يملك فسخها بلا رضا الآخر أن المراد فسخ عقد الشركة بالكلية لا فسخها في ذلك المشترى الخاص؛ ولذا جزم في الفتح بأنه غلط لكن كلام المؤلف في إمكان التوفيق ولا شك أنه ممكن بما ذكر، وإن كان خلاف المتبادر وتعبيره بالإمكان مشير إلى ذلك وبالجملة فهو أولى من الحمل على الغلط وكذا من حمله على ما ذكره الطحاوي؛ لأنه يناقضه تقديم تصحيح خلافه‏.‏